مفهوم كلمة العربية بين الفطرة والقومية

سامر إسلامبولي Ýí 2008-12-24


مفهوم كلمة العرب بين الفطرة والقومية
لقد تم إطلاق كلمة ( عرب) على أمة معينة ، والتصقت بها اصطلاحاً قومياً ، واستمر انتشار هذا المصطلح القومي على حساب تقلص دلالة كلمة (عرب ) إلى أن تم زحزحة هذا المفهوم العربي الفطري وإزالته إلى صالح المصطلح القومي ، و من جراء ذلك أخذ المصطلح العربي، صفة الأمة التي احتكرته لنفسها ، فإن نهضت هذه الأمة صار مصطلح (العرب ) يدل على النهضة ، وإن هبطت صار يدل على التخلف، والانحطاط ، وهذا العمل الاحتكاري لمفهوم ( العرب ) من قبل الأمة، أساء إلى دلالة المفهوم العربي الفطري ، وصار صفة ذم، وقدح نتيجة انحطاط، وتخلف الأمة التي احتكرته لنفسها .
والقوم العرب هم الذين نشروا، وكرَّسوا حصر مفهوم دَلالة ( العرب ) بالقومية ، وغيبوا المفهوم الفطري لكلمة ( عرب ) ، وقديماً قيل : أهل مكة أدرى بشعابها .
فأخذت الأمم الأخرى -خاصة الغرب منهم- هذا المفهوم القومي ، وتم التعامل مع مفهوم كلمة ( عرب ) حسب الواقع الذي تجسده الأمة التي احتكرت هذا المصطلح ، وسمّت نفسها به ( الأمة العربية ) التي تعيش على جغرافية معينة ، رغم أنهم على الغالب لا يملكون من الصفة العربية إلا لسانها، ويستخدمونه بصورة أعجمية ، وترتب على هذا العمل القبيح؛ العداء والحقد لمفهوم ( العرب ) وصار مفهوماً مقترناً بالذم ، والقدح ، والتخلف والانحطاط ، لدرجة أنه صار في الغرب كلمة ( عربي ) شتيمة؛ لأنها تدل على الإرهاب والإجرام ، والتخلف، والتعصب ، والانغلاق ، ورفض الآخر، إلى غير ذلك ، فصارت في ثقافة الغرب ، مثلها كمثل دلالة كلمة ( يهودي ) التي تدل على الانغلاق على النفس ، وتقليد الآباء ، ورفض الآخر، والغدر، والخيانة ، والأنانية، والجشع ، والبخل، والكره ، والحقد ، ومص دماء الناس !.
فعلى ماذا تدل كلمة ( العرب ) ؟
لنقوم بتحليل أصوات كلمة ( عرب ) :
ع : صوت يدل على عمق .
ر : صوت يدل على تكرار .
ب : صوت يدل على تجمع مستقر .
وإذا اجتمعت هذه الأصوات بترتيب كلمة ( عرب ) تدل على عمق مكرر، منته بجمع مستقر ، وهذه الدلالة الفيزيائية لأصوات أحرف كلمة ( عرب ) تدل اجتماعياً على أصالة الشيء، وقدمه ، ووجوده الفطري دون تدخل يد الإنسان به صنعة ، فهو على طبيعته التي نشأ عليها مع محافظته على علاقته مع أصله، بصورة منسجمة تماماً.
ومن هذا الوجه الفطري الأصيل، الذي لم يتدخل الإنسان في صنعته، ظهرت صفة (العربية) للأشياء ، مثل :
1- الأرض العربية: وهي الأرض الأولى التي ظهرت فيها الحياة على كوكب الأرض .
2- الأخلاق العربية : وهي القيم الصالحة بين الناس، نحو إغاثة الملهوف، وإكرام الضيف، ونصرة المظلوم ، والوفاء بالعهود والمواثيق .....الخ.
3- الحصان العربي، والسمن العربي ، والقعدة العربية ، والقهوة العربية ، والخبز العربي ، واللباس العربي ، والنهار العربي ، والخليج العربي.
كل ذلك لا علاقة له بالقومية العربية ، والمصدرية الجغرافية ، وإنما علاقته بالأصالة، والفطرة ، وعدم تدخل الصنعة به زيادة، أو نقصاً .
لذا ؛ ينبغي تحرير مفهوم كلمة ( العرب ) من القيود القومية ، وإرجاعه إلى دلالته؛ مفهوماً إنسانياً، يدل على المدح والصفاء والنقاء ، ويكون أساساً لالتقاء الأمم عليه ، وعدم تسييسه ، أو حصره بقومية معينة؛ ليرجع إلى ممارسة دوره الفاعل الإنساني ، ويصير مفهوم ( العربي ) يدل على المدح ، والنهضة ، لا علاقة له بصفة الإنسان القومي الذي احتكر مفهوم العربية لأفكاره؛ ونمط حياته، أبداً .
وينبغي أن يزول من نفوس الشباب، الشعور بالدونية من انتمائهم العربي ، وعدم محاولة إخفاء ذلك الانتماء من خلال الاختباء وراء لسانٍ أعجمي ، أو امتلاك ورقة تدل على أعجمية الإنسان؛ ونفي عربيته؛ لأن مثله كمثل الإنسان السليم - عقلاً -، ويحاول أن يتشبه بالمرضى في طريقة سلوكهم ،بل ويشعر بالخجل من سلامته العقلية والجسمية بين المرضى !.
فقولي : أنا إنسان عربي ، تعني؛ أنا إنسان أصيل فطري، ذو أخلاق وقيم إنسانية، منسجم مع الكون ، ونفي صفة العربي عن الإنسان ، تدل على أنه إنسان أصابته العجمة تفكيراً وسلوكاً ، ويعيش بصورة مخالفة للبيئة، ومفسد لها، من حيث المسكن والمآكل ، ونمط حياته بصورة عامة، ويصير أعرابياً .








اجمالي القراءات 22285

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (9)
1   تعليق بواسطة   سامر الغنام     في   الأربعاء ٢٤ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31493]

الاخ سامر اسلامبولي

اولا مشكور جهدك وتوضيحك للمفهوم السائد


ولكن من فترة وانا في بالي ان اسألك كما اسأل غيرك


عن سبب تحليلكم الغنائي او الصوتي لحروف اللغة العربية ؟؟؟ كما قال غيركم مثلا ان الركوع يأتي من كوع ومفصل الخ..


هل هذا بتصورك يعطينا المعنى المقصود وهل هو شيئ خاص باللغة العربية ام انه سائد على كل اللغات


كما جعلنا القران احجيات وارقام وتكهنات لا جدوى منها فأرجو التوضيح وشكرا


2   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الأربعاء ٢٤ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31496]

الأخ سامر

لا تستطيع تصور مدى سعادتي وأنا أقرأ من جديد مساهماتك الرائعة والتي غابت عنا خلال الفترة  الماضية . وكلي أمل ومثلي جميع اصدقائك وأحبائك في موقع أهل القرآن أن نتفاعل معاً .لأننا بحاجة الى كل فكر نير في هذا الزمن السيء.


مقالتك حول مفهوم كلمة العرب .أعطى تصوراً جديداً أعاد الى هذه الكلمة معانيها الاساسية في الاصالة والكرم والصدق وغيرها من الصفات الانسانية القيمة . صدقني يا أخي وأثباتاً لكلامك .لولا أصالة العرب ,لما نزلت عليهم أخر رسالة سماوية .ولولا مواصفات العربي الأصيل الحر أنذاك...لما كلفه الله عز وجل بحمل وتحمل أعباء نشر الرسالة. لكن مع الأسف تسيس المفهوم وغابت عنه الاصالة . وتحول كما ذكرت أو كلما ذكر العربي اقترنت بهذه الصفة كل المفاهيم والمواصفات السلبية.


3   تعليق بواسطة   ناصر العبد     في   الأربعاء ٢٤ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31532]

الاستاذ سامر

السلام عليكم جميعا


الاستاذ سامر لدي سؤال: هل يمكن ان نطلق علي الغير متحدثين باللغة العربية انهم عرب نظرا للتعريف الفطري  لكلمة عرب من وجهة نظركم ((كلمة ( عرب ) تدل اجتماعياً على أصالة الشيء، وقدمه ، ووجوده الفطري دون تدخل يد الإنسان به صنعة ، فهو على طبيعته التي نشأ عليها مع محافظته على علاقته مع أصله، بصورة منسجمة تماماً)) لاني اري ان التعريف غير واضح وربما اكون لم افهم ما ذكرت جيدا,لان بتعريفكم هذا فيمكن اطلاق اللفظ علي كل من تتوافر فيه الشروط التي ذكرتها في التعريف,فإن كان هذا صحيح فإذن كل الناس عرب... حقيقة لم افهم ما اردت قوله فهل من بعض الايضاحات بناءا علي اسئلتي لك؟وشكرا اخي العزيز


4   تعليق بواسطة   سامر إسلامبولي     في   الخميس ٢٥ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31540]

أصوات اللسان العربي اكتشاف وليس اختراع

الأخ سامر الغنام المحترم شكراً على اهتمامك

أخي العزيز اعلم إن أصوات اللسان العربي موجودة في الطبيعة اكتشفها الإنسان ولم يخترعها، والنص القرآني نزل بهذه الأصوات، وصيغ نصاً عربياً، وحافظ على حركة أصواته الفيزيائية لنصل إلى مفهوم ثابت كوني،وترك لنا صلاحية التحرك وفق المحور الثابت حسب أدواتنا المعرفية لنصل إلى معلومات نسبية تتراكم وتتطور وتتغير حسب حركة الواقع، وبذلك صار النص القرآني صالحاً لكل زمان ومكان.وعدم معرفة ذلك سوف يؤدي إلى جعل النص القرآني نصاً محنطاً جامداً ( سيرورة دون صيرورة).

وللتوسع في ذلك راجع مقالي نشأة اللغة العربية وغيره مما يتعلق في الموضوع

وتقبل تحيات العربية



أخي زهير المحترم شكراً على مشاعرك الطيبة يا طيب

أخي زهير ينبغي أن نركز على عربية النص القرآني لساناً وحكماً بالمفهوم الذي ذكرته، لأن النص القرآني لايمكن دراسته دون منهج عربي !.

وتقبل تحيات العربية







الأخ ناصر المحترم

تحية طيبة وبعد

كلمة عرب لا علاقة لها بالقومية أبداً،فهي تدل على كل إنسان فطري حافظ على فطرته فكراً وسلوكاً في أي بقعة على الأرض كان( مسلم بالمعنى العام للإسلام دين الأنبياء والرسل جميعاً) ، أما اللسان فلا يوجد إنسان يتكلم بلسان عربي مبين ، وإنما يوجد من يستخدم أصوات عربية( الأبجدية العربية) في كلامه بصورة أعجمية، والنص القرآني الوحيد الذي يتمتع بلسان عربي وحكم عربي.

وتقبل تحيات العربية


5   تعليق بواسطة   احمد شعبان     في   الأحد ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31769]

أخي الكريم الأستاذ / سامر اسلامبولي

تحية طيبة وبعد


أولا شكرا على جهدك الكريم


ثانيا : لي سؤال أرجوا أخي الفاضل أن تجيبني عليه ، وهو من أين أتيت بمعاني الحروف هذه .


وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير .


والسلام


6   تعليق بواسطة   سامر إسلامبولي     في   الأحد ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31774]

الكائن الحي حي باجزائه

الأخ العزيز أحمد شعبان  تحية طيبة وبعد


إن قصدت بكلامك (من أين أتيت بمعاني الحروف هذه ) التراث أو من قال بقولك، فقطعاً لم أنقل ذلك عن أحد،وقمت ببحث مستقل منذ عام 2007 ووصلت إلى أن اللسان العربي هو لسان القرآن فقط ، وما سواه يستخدم الأصوات العربية بصورة أعجمية ( لغة)و حسب معرفتي لم يكتب بهذا المنحى أحد،ومنذ فترة أخبرني أحد الاخوة أنه يوجد من سبقني إلى هذه النظرية وهو العالم سبيط النيلي واطلعت على ابحاثه فرايتها عظيمة في بابها وموفق في بحثه إلى درجة كبيرة ، ويوجد توافق بيني وبينه في الكليات من حيث ان الصوت العربي له معنى فيزيائي ، وعدم وجود ترادف أو مجاز في اللسان العربي ، وأن القول باعتباطية نشاة اللسان مؤامرة وراءها اليهود لتحريف الكلم عن مواضعه ، وتفريغ اللسان العربي من علميته ليصير اعتباطياً تمهيداً لضرب النص القرآني وغير ذلك ، وأتفقت معه يدلالة مجموعة من الاصوات، واختلفت في أخرى ، والبحث مطبوع تحت اسم ( علمية اللسان العربي وعالميته) ووقد نفذت طبعته الأولى ، وسوف يعاد طبعه في 2009 إن شاء الله، ونشرت قسماً كبيراً منه في مقالاتي الموجودة في صفحتي ، ومنتدى عرب قرآن www.arabquran.net


ويحبذ أن تتطلع على مقالاتي ، وكتب سبيط النيلي ، وبامكانك أن تأخذ فكرة عنها من التلخيص الذي يقوم به الأخ الكريم في موقع اهل القرآن


وتقبال تحياتي العربية، لاقناة العربية او الجزيرة !!!!!!!!


7   تعليق بواسطة   احمد شعبان     في   الأحد ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31776]

أخي العزيز الأستاذ / سامر الإسلامبولي

تحية طيبة وبعد


سأعيد سؤالي بصورة أخرى :


كيف توصلت سيادتك إلى معاني تلك الحروف " المنهج الذي إتبعته "


أما عن موضوع النيلي ، فأنا أعلم هذا الموضوع جيدا ، وأرجوا مراجعة مقالاتي وتعليقاتي على العرض المقدم لكتاب النيلي .


وفقنا الله سبحانه وتعالى جميعا لما فيه الخير .


والسلام .


8   تعليق بواسطة   سامر إسلامبولي     في   الثلاثاء ٣٠ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31884]

دليل معنى اصوات العربية هو الواقع

الأخ احمد شعبان المحترم



تحية طيبة وبعد



راجع مقالي نشاة اللغة العربية، تجد فيه ما تسال عنه ، وتستفيد من مداخلات الأخوة عليه.


 وتقبل تحياتي العربية


9   تعليق بواسطة   احمد شعبان     في   الثلاثاء ٣٠ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31902]

أخي الفاضل الأستاذ / سامر الإسلامبولي

تحية طيبة وبعد


لقد سعدت بقراءة مقالة عن نشأة اللغة العربية .


ولكن هل تعتقد أن إختلاط الألفاظ التي نستخدمها مع ألفاظ القرآن الكريم منهج صائب ، أم أن الواجب أن نتعامل مع ألفاظ القرآن الكريم أولا ثم نضبط عليها ألفاظنا .


أرجوا التوضيح لأن ذلك الموضوع هو جل إهتمامي .


وتقبل مني أخي الكريم فائق التحية .


والسلام .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-08
مقالات منشورة : 134
اجمالي القراءات : 5,205,735
تعليقات له : 354
تعليقات عليه : 834
بلد الميلاد : Syria
بلد الاقامة : Syria