يقتلون النبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس

آحمد صبحي منصور Ýí 2020-08-09


يقتلون النبيين والذين يأمرون بالقسط من الناس

مقدمة :

1 ـ جاء سؤال يقول : ( ما رايك في التعارض بين آيات تقول ان بنى إسرائيل كانوا يقتلون الأنبياء وما جاء في القرآن عن أن الله يهلك الكافرين وينجى النبى والمؤمنين ؟ كيف ينجى الأنبياء ثم يقتلهم بنو اسرائيل ) ، وأقول :

المزيد مثل هذا المقال :

 أولا : عن بنى إسرائيل

بنو إسرائيل ليسوا سواء ، كان منهم المؤمنون المتقون وكان منهم المقتصدون وكان منهم الكافرون المعتدون ، وصل إعتداء بعضهم الى قتل بعض الأنبياء . قال جل وعلا في خطاب مباشر للمؤمنين بالقرآن الكريم : ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) وقال لهم عن أهل الكتاب : ( وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ) ، وقال عن الفاسقين منهم وكانوا وقت النبى محمد يعتدون على المؤمنين : ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ) ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ )، أي كانوا على دين أسلافهم في الاعتداء ،  قال جل وعلا بعدها عن السابقين المتقين من بنى إسرائيل : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ) ( يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) ( وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ )(آل عمران )( 110 : 115 ).هذا عن بنى إسرائيل في القرآن الكريم .

ثانيا : عن الاهلاك الكلى في القصص القرآنى عن السابقين  

 في الماضى كان الاهلاك الكلى للكافرين جميعا وينجو النبى والأقلية المؤمنة .

1 ـ نجا المؤمنون مع نوح في السفينة بينما غرق الكافرون .  قال جل وعلا : ( فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا عَمِينَ ) الأعراف 64 )

2 ـ  عن قوم عاد والنبى هود عليه السلام قال جل وعلا :

2 / 1 :( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ  ) هود 58 )

2 / 2 : (  فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ) الأعراف ) ( 72)

3 ـ عن قوم ثمود ، قال جل وعلا :

3 / 1 :( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ )( وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )هود 66 : 67 )

3 / 2 : ( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ) ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )( وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)النمل 51 : 53 )

4 ـ عن شعيب عليه السلام وقومه مدين قال جل وعلا :  ( وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ  ) هود 94 )

5 ـ عنهم جميعا قال جل وعلا : (فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ ) ( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ ) يونس 102 : 103 ).

ثالثا: بدء مرحلة جديدة بعد إهلاك فرعون وقومه

1 ـ  انتهى هذا باهلاك فرعون وقومه ، ونزل الكتاب على موسى ببدء مرحلة جديدة . قال جل وعلا عن فرعون وقومه: ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴿٤٠﴾ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ﴿٤١﴾ وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ ﴿٤٢﴾القصص ) . ثم قال جل وعلا عن المرحلة الجديدة ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٤٣﴾القصص ) .

2 ـ  في هذه المرحلة التالية أصبح الاهلاك جُزئيا ، وبتدخل بشرى ، وتم فرض الجهاد القتالى ضد الملأ الكافرين المعتدين الذين يقومون بالاكراه في الدين . وجاءت إشارة الى فرض القتال في التوراة والانجيل في قوله جل وعلا : (  إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ) ﴿التوبة: ١١١﴾.

رابعا : معارك قتالية بين الأنبياء والكفار المعتدين

بانتهاء الاهلاك الكلى وفرض القتال حدثت معارك بين المؤمنين والكافرين .

1 ـ  قال جل وعلا : ( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) ( وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ( فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ  ) آل عمران 146 : 148 )

2 ـ وعن عيسى وتاريخ مجهول قال عنه جل وعلا :

2 / 1 :  ـ (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) البقرة 253 )

2 / 2 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) الصف 14 )

خامسا : القتلى من الأنبياء

وفى هذه المعارك قتل فيها الكافرون من أهل الكتاب بعض الأنبياء ( بغير الحق ) ( بغير حق ) أي بالاعتداء والظلم . وهذا تاريخ منسى ، ولكن جاءت الإشارة اليه في القرآن الكريم ، في قوله جل وعلا :

1 (  وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) البقرة 61 )

2 ـ (  ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) آل عمران 112 )

3 ـ ( لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ   ) المائدة 70 ).

سادسا : المعتدون في عهد النبى محمد عليه السلام

1 ـ بالإضافة الى قريش الكافرة كان لا يزال حتى عصر النبى محمد طائفة معتدية من أهل الكتاب ، جاءت الإشارة عنهم في قوله جل وعلا : (  فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) المائدة 31 ) وجاءت الإشارة عن حصونهم الحربية التي تميزوا بها وتقوّوا بها في سورتى الحشر ( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) (2 ) و الأحزاب ( وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ) 26 ) 

2 ـ عن قريش الكافرة المعتدية :

2 / 1 : تآمرت على قتل النبى محمد عليه السلام وهو في مكة  ، قال جل وعلا : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الانفال 30  )

2 / 2  ـ وبعد الهجرة

2 / 2 / 1 :  حاربت قريش النبى محمدا وأصحابه المؤمنين تريد فتنتهم عن دينهم ، قال جل وعلا : ( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) البقرة 217 ) .

2 / 2 / 2 : وفى حيثيات الإذن لهم بالقتال الدفاعى جاء أنهم يتعرضون لقتال معتد بعد أن أخرجهم الكفار من ديارهم بغير حق إلّا أن يقولوا ربنا الله. قال جل وعلا : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) ( الحج 39 : 40 ).

2 / 2 / 3 : قبل نزول الإذن بالقتال الدفاعى كان المؤمنين المُسالمون في مرحلة الأمر بالكفّ عن رد العدوان ، فلما كُتب عليهم القتال كرهوه ، قال جل وعلا : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )( البقرة 216 ) وأعلن بعضهم كراهيتهم للقتال الدفاعى ، قال جل وعلا فيهم : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ  ) النساء 77 ).

2 / 2 / 4 : وفى إحدى المعارك كاد جيش قريش أن يقتل النبى محمدا ، واعتقد بعض المؤمنين هذا فعلا . قال جل وعلا : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً)( آل عمران 144 : 145 )

2 / 2 / 5 : دخلت قريش في الإسلام السلوكى بمعنى السلام وعقدت معاهدات بهذا. نقض فريق منهم العهد ، فأعطاهم الله جل وعلا مُهلة الأربعة أشهر الحرم ليتوبوا ويرجعوا الى السلام ، ويكون رجوعهم الى السلام إقامة للصلاة وإيتاء للزكاة حسب الإسلام السلوكى بمعنى السلام . ونزلت في ذلك آيات سورة ( التوبة ) ومنها قوله جل وعلا عنهم : ( لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ) ( فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) ( وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) ( أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ) ( وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )( التوبة 10: 15)

 2 / 2 / 6 : وبعد موت النبى محمد تحكّم جواسيس قريش الذين مردوا على النفاق ، وماتوا عليه دون توبة وتوعدهم رب العزة جل وعلا بعذاب مرتين في الدنيا ثم عذاب عظيم في الآخرة. قال جل وعلا : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) التوبة ) . أولئك هم الذين تولوا الخلافة وارتكبوا الفتوحات ، وتأسست بفتوحاتهم الكافرة الظالمة أديان أرضية للمحمديين صاروا بها آلهة ، من يناقش تاريخهم ويعرضه على القرآن وشريعة الإسلام يعتبره المحمديون كافرا.

سادسا : قتل الأنبياء ودُعاة القسط من الناس

لذا فقد جعلها رب العزة جل وعلا قضية عامة، كان الكافرون يقتلون الأنبياء ، وبعد ختم النبوة لا يتورعون عن قتل الذين يأمرون بالقسط بين الناس . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ). قال جل وعلا عن مصيرهم يوم الدين : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ  ) آل عمران 21 : 22 ) .

أخيرا : المحمديون على دين أسلافهم المعتدين يسيرون .

 الدليل على هذا أن فتاوى القتل من الوهابيين السنيين تلاحقنا لأننا ندعو الى القسط ونجاهد سلميا بالقرآن الكريم ضد أكابر المجرمين من المستبدين ورجال الدين. 

اجمالي القراءات 3275

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   المصطفى غفاري     في   الإثنين ١٠ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92751]

سؤال حيرني ،أستاذنا أحمد صبحي منصور !


أولا ،ماشاء الله تعالى ،تدبرك للقرءان الكريم دائما يصدر عن بصيرة ومنهج علمي متجرد من الهوى والمزاج ،دائما تفتح اعيننا عن علاقات بين آيات متباعدة ،ماكانت لتخطر لنا على بال ،ترتيلك للآيات ورصفها في وحدة موضوع البحث ،مذهل ومقنع إلى حد بعيد ،بارك الله تعالى لنا في عمرك وزادك من فضله ،ونفعنا بعلمك ،



أستاذي هناك في القرءان  آية كلما قرأتها ،تستوقفني وتحيرني ،في قوله تعالى 《 ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي افلا تبصرون 》 الزخرف 51,دوما أتساءل ،مصر ليس فيها إلا نهر واحد هو النيل ،عن أي أنهار كان يتحدث فرعون ؟ ،أم مملكته لم تكن في مصر التي نعرف ،آية أخرى تدعم تساؤلي هذا ،يقول الله تعالى 《 فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهديني》 ،تحيرني في هذه الآية كلمة ( مشرقين ) فاتبعوهم مشرقين ،ما يعني ،موسى عليه السلام ،خرج بأصحابه باتجاه شرق مصر  ،



هذان الآيتان تبعثان على الحيرة ،فهل  مملكة فرعون لم تكن في مصر التي نعرف ؟ واتجاههم جهة الشرق ،إلى أين ذهبوا ؟؟ 



معذرة أستاذنا ،أعرف أن وقتك مملوء ابحاث ودراسات ،



دمت بخير .



2   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الثلاثاء ١١ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92753]

أعتقد و الله جل و علا أعلم .


حفظكم الله أستاذ المصطفى غفاري و في إنتظار رد الدكتور أحمد علىك و أعتقد أن المقصود بالأنهار هي ( الترع ) المتفرعة من النيل فالمصريون مبدعون منذ القدم فمن بنى الأهرامات لا شك و أنه يملك علم ( إدارة ) المياه و تصريفها . 



أما قول الحق جل و علا : ( فأتبعوهم مشرقين ) فتسلسل الحدث يدل على الوقت و ليس الجهة أي أن فرعون و جنوده تبعوا موسى عليه السلام و من معه من بني إسرائيل وقت الشروق و في قصة موسى و فرعون هناك دلالات للوقت كقوله جل و علا : ( قال موعدكم يوم الزينة و أن يحشر الناس ضحى ) .



و بالتأكيد ستكون إجابة الدكتور أحمد أكثر دقة .



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ١١ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92754]

شكرا استاذ غفارى وشكرا استاذ سعيد على ، وأقول :


! ـ حتى القرن الأول الهجرى كانت هناك فروع من النيل ( الدلتا ) تصب فى البحر المتوسط ، منها فى سيناء ومنها فى غرب الاسكندرية . كانت هناك عدة فروع متفرعة من الدلتا ، وانطمرت . ولا يزال بقاياها تحت الرمال فيما يُعرف فى سيناء بوادى الطينة ، وما ما يعرف فى الصحراء الغربية الآن بمديرية التحرير التى أسسها عبد الناصر غرب محافظة البحيرة . تاريخيا كانت سواحل مصر فى سيناء وغرب الاسكندرية حتى طبرق مملوءة بالمدن والبساتين ، وفيها كان الأمن مستتبا بحيث تسافر المرأة من الاسكندرية الى طبرق آمنة. الذى حدث هو أن الخليفة المتوكل العباسى تعصب ضد العرب والفرس ، فطردهم من جيشه ، وأحلّ محلهم جندا من الأتراك ، ما لبث أن سيطروا على الخلافة العباسية ، ونشروا الاضطراب فى الولايات ومنها مصر ، علاوة على أن الجنود العرب فى مصر بعد تسريحهم من الخدمة تحولوا الى أعراب تخصصوا فى السلب والنهب ، خصوصا فى الأطراف ، ولأن النيل بفروعه يحتاج الى رعاية وصيانة حتى لا تطمره الصحراء فقد إنطمرت فروع النيل ولم يبق منها سوى فرعين ، وبادت المدن الكبرى القديمة فى الساحل الشمالى شرقا وغربا. أرجو أن تقرأ ما كتبناه عن فرعون موسى ودولته المركزية وتحكمه فى مصر .

2 ـ أما عن أن فرعون وجنده اتبعوا موسى وقومه ( مشرقين ) اى الى ناحية الشرق ، فى سيناء ، وفيها جبل الطور وتكليم موسى ربه جل وعلا وأخذ الميثاق على بنى اسرائيل ، ورفض بنى اسرائيل دخول الأرض المقدسة التى كتبها الله جل وعلا لهم ، ثم من بعده انتصارهم على جالوت الفلسطينى وتأسيس مملكة داود . 

4   تعليق بواسطة   المصطفى غفاري     في   الثلاثاء ١١ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92755]

شكرا الاستاذ عثمان علي ،شكرا أستاذنا احمد منصور


شكرا الاستاذ عثمان علي على اهتمامك بسؤالي ،يبدو أن ما أوجزته في ردك قد فصله أستاذنا احمد ،سأبحث عن البحث الذي أشار إليه أستاذنا .بارك الله فيكما.



5   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الثلاثاء ١١ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[92756]

الشكر للأستاذ سعيد على .


شكرا استاذ مصطفى . 



 والشكر للأستاذ سعيد على . فهو الذى أجاب على إستفسار حضرتك  .... وكل سنة وأنتم طيبين جميعا .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4980
اجمالي القراءات : 53,333,061
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي