عن اسرائيل والأسباط : فى رؤية قرآنية

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-08-08


عن اسرائيل والأسباط : فى رؤية قرآنية

مقدمة :

1 ـ تأسيس دولة إسرائيل طبع جيلنا والأجيال التى بعده بعداء لكلمة إسرائيل . المستبد العربى أجّج هذا العداء بأساطير أن إسرائيل والغرب وأمريكا يتآمرون على الاسلام والمسلمين والعرب ، هذا فى الوقت الذى يأتمر فيه هذا المستبد العربى بأوامر اسرائيل والغرب وأمريكا . أى هم أسياده ، ولا يحتاج ( السيد ) أن يتآمر على خادمه ، يكتفى بأن يأمره وليس على الخادم إلا أن يطيع ، فأموال هذا الخادم فى بنوك أسياده ، ومصيره مرتبط بأوامرهم .  ولأنه يعلم أنه العدو الأكبر لشعبه وأنه الخائن لوطنه ، وأنه الذى أذلّ شعبه والذى نهب أموال شعبه فلا يمكن أن يأمن لشعبه ، وبالتالى فلا ملاذ  له إلا بين أقدام أسياده ، سواء وهو فى السلطة ، أو حين يتهدد سلطانه .

2 ـ  بهذا تمّ تشكيل العقلية العربية لتكون ضد إسرائيل ، مع إن عدد ضحايا الصراع العربى الاسرائيلى لا يصل الى 10 % من ضحايا المستبد العربى ، سواء فى قتله لأبناء شعبه أو فى مغامراته الخاسرة أو فى صراعات المستبدين العرب فيما بينهم ، بدءا من عبد الناصر والقذافى وصدام الى السعودية والوهابية وداعش وأخواتها .

3 ـ إمتدت تلك الكراهية الى القصص القرآنى ، والذى دار جزء كبير منه عن بنى اسرائيل أو بنى يعقوب . وجاء التعبير عن هذه الكراهية بصور شتى ، منها :

3 / 1 : تجاهل هذا القصص بالكامل ، وهو شأن أهل الجهل من علماء السلطة وأتباعهم .

3 / 2 : التركيز على الآيات التى تهاجم ( اليهود ). هذا ، مع أن مصطلح ( اليهود ) فى القرآن لا يشمل كل بنى اسرائيل بل هم فقط عُصاة بنى اسرائيل ، خصوصا فى عصر التنزيل والذين كانوا يعبدون (عُزير ) ويتحالفون مع النصارى يعتدون على دولة النبى ، وهو تاريخ جاءت إشارات اليه فى القرآن ، وتجاهله ابن إسحاق أول من كتب السيرة النبوية من دماغه ، وإفترى فيها أن النبى محمدا ــ الذى أرسله الله جل وعلا رحمة للعالمين ــ قام بقتل أسرى بنى قريظة .!!.  وبهذا التركيز يتم الهجوم على جميع بنى اسرائيل ، وتجاهل الايات التى تتحدث عن الصالحين من بنى اسرائيل والمقتصدين المعتدلين منهم ، وتجاهل أن أتباع القرآن أيضا ــ بل والبشر جميعا ــ هم فئات ثلاث : سابقون بالعمل الصالح ومعتدلون أو مقتصدون وأكثرية عاصية .

3 / 3 :  البحث القائم على هوى سابق ، يقوم بتحريف مصطلحات القرآن ، أو ( تأويلها ) لتوافق هوى الباحث. ويصل به هواه الى شطحات مجنونة ، بعضهم ـ مثلا ـ ينكر أن ( مصر ) فى القرآن ليست هى مصر ، وأن السبط ليسوا من بنى اسرائيل ، وأن اسرائيل ليس يعقوب . وهذا يتجاوز الخطأ الى الوقوع فى ( الخطيئة ) ، لأنه يضع القرآن تحت قدميه يقوم بتطويعه لهواه. ومن أسف أن بعض المنتسبين لأهل القرآن يقع فى هذا الحضيض . ندعو لهم بالهداية .

4 ـ وقلنا ــ ولا نزال نكرر ونؤكد  ــ أن تدبر القرآن هو أن تدخل على القرآن تنشد الهداية وبدون غرض مسبق تريد تحقيقه ، بل مجرد معرفة الرأى القرآنى مخلصا وجهك للرحمن جل وعلا ، ملتزما بأن تغير كل مفاهيمك السابقة إذا تعارضت مع ما يصل اليه تدبرك القرآنى. وتقوم بتجميع الآيات الخاصة بموضوعك ، فى سياقها المحلى فى نفس السورة ( الآية وما قبلها وما بعدها ) وفى سياقها الموضوعى فى القرآن الكريم كله ، والآيات القريبة من الموضوع ، ثم تبحث هذا جميعه معا ، تحدد المصطلحات ، وتسير مع الآيات فى تفصيلات بحثك ، ثم تؤكد فى النهاية أنها رؤيتك القرآنية ، وليست حقا مطلقا ، وأنت مسئول عن هذا الاجتهاد الذى يقبل النقد والتصويب .

5 ـ وبهذا المنهج نقدم رؤيتنا القرآنية عن ( غسرائيل والأسباط ) .

 

أولا :نبدأ ببعض ملامح من منهج القرآن الكريم فى ايراد قصص الأنبياء والرسل:

1 ـ القرآن الكريم لم يذكر كل الأنبياء والرسل : قال جل وعلا : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)(غافر 78)

2 ـ أفاض القرآن الكريم فى قصص بعض الأنبياء والرسل ، مثل نوح وابراهيم وموسى و عيسى . وتوسط فى قصص بعضهم ، مثل لوط و يونس و داود وسليمان و أيوب. وعرض لبعضهم باختصار ، مثل اسحق ويعقوب .

3 ـ ذكر تاريخ بعض الأنبياء والرسل دون ذكر اسمه : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) (البقرة 246 ـ ) لم يذكر القرآن اسم ذلك النبى مع أنه ذكر اسم الملك ( طالوت ). وقال تعالى فى قصة ثلاثة من الأنبياء لم يذكر أسماءهم أو اسم القرية التى كانوا فيها : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ ) (يس 13 ـ 14)

4 ـ ذكر موجزا مختصرا لبعض الأنبياء والرسل بالاسم مع بعض تفصيلات لم تتكرر فى القرآن الكريم كقوله تعالى عن النبى الياس :(وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (. الصافات 123 : 130)

5 ـ ذكر القرآن بعض الأنبياء والرسل بمجرد الاسم ( مثل اليسع وذى الكفل ) دون أى تفصيلات سوى أنهم من ذرية يعقوب بن ابراهيم : (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءإِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( الأنعام 83 ـ ) (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَارِ) ( ص 48 )

6 ـ ذكر مجموعة من أنبياء بنى اسرائيل بوصف محدد هو الأسباط ، إذ جعل الأسباط من بين الأنبياء الذين أوحى الله تعالى اليهم ، فقال تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) بعدها كرر تعالى نفس الحقيقة فى أنه جل وعلا لم يذكر كل الرسل :(وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) ( النساء 163 ـ )  .

ثانيا : معنى أسباط :

1 ــ من هنا نتعرف على أول معنى من معانى الأسباط ، وهو أنهم مجموعة من أنبياء بنى اسرائيل: ويلاحظ أن كلمة الاسباط تأتى تالية ليعقوب لأنه أبوهم، كما جاء فى الآية الكريمة السابقة :( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)

2 ـ والمعنى الثانى هو اللغوى لكلمة أسباط ، ويعنى شراشيب أو أفرع ( القنو ) فى النخل ، تلك التى تحمل البلح. ولأنها شراشيب كثيرة أو أفرع كثيرة تخرج من أصل واحد فقد أطلق نفس الوصف على الأبناء الذكور للنبى يعقوب ، وكان عددهم إثنى عشر رجلا، كل منهم أنجب ذرية تكاثرت فأصبحت أمة أو قبيلة ، وأصبح اسم (الأسباط ) دليلا عليهم لتفرعهم من أصل واحد هو يعقوب عليه السلام. وفى أولئك الأسباط بعث الله تعالى أنبياء كثيرين من بنى اسرائيل ، ذكر بعضهم بالاسم فقط ، وذكر موجزا عن البعض الاخر ـ و تحدث عن بعضهم دون أن يذكر اسمه ، وأطلق عليهم جميعا لقب (الأسباط )

3 ــ والمعنى الثالث للكلمة استعمله القرآن الكريم ليدل على القبائل الاسرائيلية الاثنتى عشرة التى تكاثرت فى عهد موسى عليه السلام.  وكان هذا التقسيم ساريا قبل موسى وبعده ، ونفهم هذا من التمعن فى قوله تعالى عن بنى اسرائيل ( قوم موسى ، ذرية يعقوب / اسرائيل ) : ( وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ) ( الاعراف 160 )، وقوله جل وعلا : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ) ( البقرة 60). كانوا إثنتى عشر قبيلة ، أو إثنتى عشر سبطا من أصل واحد هو يعقوب ، وكان هذا فى عهد موسى ، بعد قرون من مجىء يعقوب وأبنائه العشر الى مصر ليستقبلهم إبنه يوسف وكان معه أخوه الذى إستبقاه . أبناء يعقوب تناسلوا بمرور الزمن فى مصر ، حتى إذا جاء عصر موسى كانوا إثنتى عشر قبيلة أو سبطا . وحين خرج بهم موسى من مصر وإستسقى لهم كان لكل قبيلة عينا من الماء .

ثالثا : معنى اسرائيل

1 ـ كلمة ( إسرائيل ) وردت مرتين فقط فى القرآن الكريم لتدل على النبى يعقوب عليه السلام، حيث نزل القرآن الكريم فى بيئة تجمع بين أبناء اسماعيل ( العرب المستعربة و منها قريش ) و أهل الكتاب و منهم الذين هادوا و اليهود و النصارى .

2 ـ وعلى خلاف ما يتوقع البعض فقد كان كبار الأنبياء من بنى اسرائيل معروفين لدى العرب الأميين  وقت نزول القرآن الكريم، فقد كانت ملة ابراهيم موجودة برغم ما لحقها من تحريف . وكان العرب الأميون ـ أى الذين ليسوا من أهل الكتاب ـ يجادلون النبى محمدا عليه السلام بما يعرفون من قصص الأنبياء السابقين المتوارثة ( الزخرف 57 ـ ) وكان أهل الكتاب بالذات أكثر علما من العرب الأميين. وقد احتكم القرآن الكريم الى علماء أهل الكتاب فقال للنبى محمد ( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ) ( يونس 94).وذكر رب العزة جل وعلا أن من معجزات القرآن الكريم أنه يعلمه علماء بنى اسرائيل ( الشعراء 197 ) وأن منهم من كان يعرف الكتاب كما يعرف أبناءه ومع ذلك يكتمون الحق وهم يعلمون (البقرة 146  ) (الأنعام  20 )

3 ــ وفى هذه البيئة المثقفة كانت التوراة الحقيقية موجودة وكذلك الانجيل الحقيقى . وعندما تركها أصحابها وجاءوا يحتكمون للنبى محمد قال تعالى له (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ )( المائدة 43 ) بل أن الله تعالى تحداهم بالتوراة التى فى أيديهم وقال لهم (قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ).

4 ــ جاء هذا فى احدى الآيات التى ورد فيها ذكر اسرائيل اسما للنبى يعقوب ، إذ قال تعالى : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ( آل عمران 93 ـ ). المعنى المقصود فى الاية : إنه قبل نزول التوراة تحرم و تبيح من الطعام كان كل الطعام حلالا لبنى اسرائيل إلا ما قام يعقوب ـ أو اسرائيل ـ بتحريمه على نفسه من تلقاء نفسه.

5 ــ لا يقال هنا أن نبى الله يعقوب ( اسرائيل ) قد ارتكب خطأ حين حرم على نفسه طعاما حلالا ـ قياسا على اللوم الذى جاء لخاتم النبيين حين عاتبه ربه فقال :(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ( التحريم 1 ) والأسباب هنا :

5 / 1  ـ إن النبى يعقوب لو كان ارتكب خطأ لذكره الله تعالى فى هذا السياق ـ ولكنه جل وعلا ذكر ما فعله يعقوب مستشهدا به ، وليس عاتبا عليه ، ولقد حفل القرآن الكريم بآيات كثيرة فيها اللوم للأنبياء السابقين ، ولو كان هذا خطأ لذكره الله تعالى خصوصا فى موضوعات الجدل مع المشركين وأهل الكتاب حول الطعام والتى تعرض لها القرآن كثيرا ( الأنعام 118 :121 ـ 145 : 155 ) .

5 / 2 : المفهوم من السياق أن نبى الله اسرائيل ـ يعقوب ـ  حرم على نفسه بعض الطعام تقربا لله تعالى زهدا ، وليس لمرضاة أزواجه كما فعل خاتم النبيين محمد (تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ).

5 / 3 : ثم أن محمدا عليه السلام فعل ذلك عصيانا لأمر تشريعى سابق تكرر كثيرا ، وهو النهى عن تحريم الطيبات من الطعام. لم ينزل هذا التشريع لاسرائيل أو يعقوب عليه السلام، ولو نزل له فعصاه لتعرض للتانيب ، ولكن هذا التشريع نزل وتكرر وتأكد لمحمد عليه السلام، ثم عصاه محمد لمرضاة أزواجه فجاء التأنيب.

5 / 4 : ومن شاء فليراجع النهى عن تحريم الحلال من الطعام فى الآيات التالية وكلها مكية : (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ) ( يونس 59 ـ ) فهنا تحذير قوى اللهجة من تحريم الحلال ، وجاء تحذير آخر فى مكة بنفس القوة يؤكد الحلال و يحدد المحرمات الاستثنائية ، ثم يحذر من تحريم الحلال : (فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) ( النحل 114 ـ ) وتكرر نفس التحذير فى سوة مدنية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ) ( المائدة 87 ـ ) بعدها أخطأ النبى محمد فنزل له هذا العتاب القاسى (:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ( التحريم 1 ) وهذا يؤكد عظمة النبى محمد فى كونه إنسانا يخطىء و يصيب و يأتيه التوجيه بالوحى. ويظل الأنبياء أعظم البشر مع كونهم من البشر. المهم أنه لا يصح القياس هنا فيما يخص تحريم الطعام بين اسرائيل و محمد عليهما السلام.

6 ــ ولكن لماذا ذكر الله تعالى يعقوب هنا باسم اسرائيل ، ولم يذكره بالاسم المعتاد (يعقوب ) ؟ لأن الله تعالى احتج عليهم بالتوراة ، وهى فى هذه المرحلة فى تاريخ يعقوب كانت التوراة تطلق عليه لقب ( اسرائيل ) . هذا هو واحد من الموضعين المذكور فيهما اسم اسرائيل للنبى يعقوب عليه السلام.

7 ــ فى المرة الأخرى جاء ذكر يعقوب باسم ( اسرائيل ) فى سورة مكية هى مريم ، يقول تعالى :( (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ ) ( مريم 58 ). وهنا نلاحظ الآتى :

7 / 1 : إن هذه الاية الكريمة جاءت تعليقا على طرف من قصص الأنبياء السابقين. والاية تتحدث عن النبيين عموما فى تاريخ البشرية ـ وتنسبهم الى الاباء الكبار : آدم ، ونوح ،وابراهيم و، واسرائيل ـ أى يعقوب الذى توالت فى ذريته ( بنى اسرائيل ) أو ( الأسباط  ) الكثير من الأنبياء والرسل . عليهم جميعا السلام. قد يكون هناك أنبياء قبل نوح فهم يرجعون الى آدم ، وقديكون هناك قبل ابراهيم فهم يرجعون الى نوح ، وهو آدم الثانى للبشرية بعد الطوفان ، وقد كان هناك  نبى ليس من ذرية يعقوب ، وهو اسماعيل بن ابراهيم ـ عم يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم. ثم هناك خاتم النبيين عليه السلام ، وهو لا ينتمى الى بنى اسرائيل ـ ولكنه ينتمى الى فرع اسماعيل.

7 / 2 : وهكذا ،فالآية الكريمة المشار اليها جمعت كل الأنبياء فى جملة مختصرة. كلهم من نسل الآباء الكبار آدم ـ أو نوح ـ أو ابراهيم ـ أو اسرائيل أو يعقوب.

7 / 3 : ونظير ذلك قوله تعالى ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) (الحديد 26) الاية هنا تتحدث عن النبوة من عهد نوح . أى أن نوح هنا هو السقف الأعلى و ليس آدم .وتضيف اليه ابراهيم . لأن ابراهيم أنجب إثنين من الأنبياء : اسماعيل ثم اسحق. وعاش ابراهيم ليرى ابنه اسحق وقد أنجب حفيدا له هو يعقوب. ثم جاءت الذرية من أبناء يعقوب الإثنى عشر، وتتالت فيهم النبوة الى عيسى عليه السلام. ثم جاء ختم النبوة للعالم كله و الى قيام الساعة بالنبى محمد عليه السلام ، من قريش ـ وهى أشهر قبيلة فى ذرية اسماعيل بن ابراهيم. لذلك فان نوح وابراهيم معا قد جعل الله تعالى فى ذريتهما النبوة و الكتاب ، وفى هذه الذرية الاتية من الأنبياء تجد الكثرية فاسقة و الأقلية مهتدية ـ شأن بقية البشر. والمستفاد أن أنبياء بنى اسرائيل ـ وهم كثيرون ـ يرجعون الى ابيهم يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم.

أخيرا : ونوجز القصة من أولها :

1 ـ فى البداية كان ابراهيم ومعه ابنه اسماعيل ـ يقيمان قواعد الكعبة ـ بعد أن بوأ الله تعالى لابراهيم مكان البيت ( الحج 26 )، وفى أثناء عملهما كانا يدعوان الله تعالى بأن يتقبل عملهما ، وأن يرزق اسماعيل ذرية صالحة مسلمة ، وأن يبعث فيهم رسولا منهم،( البقرة 127 ـ )، وهو ما تحقق بعدها بقرون ببعثة خاتم النبيين محمد عليه السلام. هذا بالنسبة لفرع اسماعيل بن ابراهيم ، وهو أبو العرب المستعربة. أحد القسمين الكبيرين من العرب الباقية ( العرب العاربة القحطانية اليمنية الجنوبية ـ والعرب الشمالية المستعربة ).

2 ــ فى الفرع الثانى من ذرية ابراهيم نجدها ترجع ليعقوب بن اسحاق بن ابراهيم. ولقد جاءت البشرى لابراهيم وزوجه سارة ـ فى شيخوختيهما بأن الله تعالى يبشرهما باسحق ومن وراء اسحاق يعقوب. لقد أراد الله تعالى مكافأة الخليل ابراهيم عليه السلام بعد أن نجح فى الاختبارات التى مر بها بأن جعله يعيش بعد وصوله الى الشيخوخة لينجب ولدا ثم يظل يعيش ليرى هذا الولد قد أنجب ولدا ، أى يعيش ابراهيم ليرى ثلاثة من ذريته وقد صاروا أنبياء، وأن يعيش آخر عمره متمتعا بابنه الخير و حفيده منه ، وهذا معنى قوله تعالى (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ) ( الأنبياء 72 )

3 ــ ورزق الله تعالى يعقوب اثنى عشر ذكرا منهم يوسف ـ عليهما السلام. ومعروف ما جرى فى قصة يوسف و كيف انتهى الحال باستقدام والديه واخوته العشر وأبنائهم الى مصرليُضافوا اليه وأخيه الذى إستبقاه فى مصر معه : (اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ) (يوسف 93 ، 99 ).

4 ـ وتكاثر أبناء يعقوب أو اسرائيل فى مصر و أصبحو إثنى عشر قبيلة، كلها تنتمى الى يعقوب أو اسرائيل ـ أى أبناء اسرائيل أو بنى اسرائيل. وهذا كان لقبهم فى قصة موسى .

5 ـ هذا عن قصص بنى إسرائيل ، بنى يعقوب أو الأسباط . ولأنها حالة نادرة فى تاريخ البشرية الدينى فقد جاءت تفاصيلها فى القرآن الكريم ، وهذا على حساب التأريخ القصصى لأنبياء كثيرين حفل بهم تاريخ البشرية من أقصى الصين الى الأمريكيتين ومن الاسكيمو الى الأرجنتين . فكل أمة من البشر جاءها نذير : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ (24)  فاطر ). وهذا من إعجازات القرآن الكريم لأنه المعروف الآن على مستوى العالم هم الأنبياء المذكورون فى العهد القديم وفى القرآن الكريم . وغيرهم من الأنبياء تحول بعضهم الى آلهة واساطير .

6 ــ وليس فى هذا عجب ، العجب أن يذكر القرآن الكريم قصص بعض الأمم السابقة وبعض الأنبياء السابقين ، ويجعله ضمن التنزيل القرآنى محفوظا من لدن الله جل وعلا ، لا يستطيع البشر تحريف نصوصه ـ كما فعلوا بالتوراة الحقيقية التى نزلت على موسى وكما حدث مع الكتب السماوية التى نزلت بعده ، ثم مع هذا يأتى بعضهم ويقوم بتأويل كلمات القرآن ، فيجعل مصر غير مصر والأسباط غير الأسباط واسرائيل غير يعقوب .. 

اجمالي القراءات 9908

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (12)
1   تعليق بواسطة   كان هنا و راح     في   الثلاثاء ٠٨ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86787]

لعنة الله على الشيطان الرجيم


مساء الخير 



تقول الآية الكريمة :" ما أحل الله لك "  ، سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لم يحرم علينا بل حرم على نفسه و لم يعصي أمرا تشريعيا و لا ينبغي له ، و الأيات الكريمات لم تتكلم مطلقا عن الطعام بل تحدثت عن حوار سري خرج للعلن و العتاب و الله أعلم كان على حلف اليمين و رخص ربنا جل و علا تحلت الأيمان في الآية الموالية للعتاب .  



لو حرم النبي محمد صلى الله عليه و سلم شيئا على المسلمين ( مثلما يفهم من الفقرة 5 3 ) لأصبح تقولا على رب العالمين و لقطع منه الوتين .



 لعنة الله على الشيطان الرجيم . 


2   تعليق بواسطة   الأستاذ علي يعقوب     في   الثلاثاء ٠٨ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86788]

رؤية قرآنية-تراثية وليست قرآنية حصرا


أولا، شكرا لك جزيل الشكر دكتور أحمد على هذا الموضوع القيم الشائك في نفس الوقت.



ثانيا، عندي ملاحظات أتمنى أن تتقبلها برحابة صدر، جاء في المقالة حديث عن العرب العاربة القحطانية والعرب المستعربة (العدنانية) وعن نسب المستعربة للنبي إسماعيل عليه السلام، كما ورد ذكر سارة كزوج للنبي إبراهيم عليه السلام. لكن لو رجعنا للقرآن الكريم وحده دون الإستعانة بالتراث الإخباري والموروث التوراتي-المدراشي لوجدنا أن كلمة عرب (بفتح العين والراء) لم ترد أبدا ولا حتى مرة واحدة في التنزيل الحكيم كإسم لإثنية، كما أنه بالرجوع إلى كتاب الله لا وجود لإسم سارة مطلقا وبالتبعية لا وجود لإسم هاجر وحتى لا يوجد أي دليل من القرآن الكريم أن النبي إبراهيم تزوج مرتين أو كان له إمرأتان من الأساس. كما أن التنزيل الحكيم لم يجزم بأن النبي محمد عليه السلام ينتمي لقريش بالتحديد وسورة قريش فيها ذكر عام لهم وحديث عن دعوتهم لعبادة الله تعالى وتذكيرهم بنعمه عليهم ولكن هذا لا يفيد بالقطع أن الرسول ينتمي إلى قريش بشكل خاص، وحتى أن القرآن الكريم لم يبين من وما المقصود تحديدا بقريش!



ما يمكن الجزم بشأنه أن النبي محمد عليه السلام وقومه هم من نسل النبي أبراهيم والنبي إسماعيل بالقطع وذلك إستنتاجا من الآيات 127 إلى 129 من سورة البقرة وربطها بالآية 151 من السورة نفسها. السؤال هل هي ذرية واحدة أم ذرية مشتركة؟



المقالة مهمة ومستفيضة ولكنها ليست رؤية قرآنية بحتة ففيها إستعانة بالتراث والأخبار، وهذا لا يعني عدم صحتها بالضرورة، ولكن يعني فقط أنها مستوحاة من مصادر عدة، على رأسها القرآن الكريم ولكنها ليست قرآنية حصرا.



شكرا لك مجددا دكتور أحمد وتقبل مروري وفائق إحترامي وتقديري ومحبتي وخالص أمنياتي الطيبة لكم.



 



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ٠٨ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86789]

شكرا أحبتى ، وندعو الله جل وعلا أن يعيننا على الاستمرار


للاستاذ ( أبو على محمد على ) عتاب على عنوان تعليقك الذى لا أراه مناسبا . هذا والفقرة 5/ 4 قد شرحت الفقرة التى قبلها . 

الاستاذ يعقوب : من الخطأ الذى يقع فيه الباحثون فى القرآن إعتباره قد نزل فى خواء ثقافى . أى جاء بجديد فى مجتمع لا يعرف شيئا . القرآن الكريم جاء مصدقا لما سبقه ومصححا لملة ابراهيم ، وناقلا لبعض نصوص وحى سابق من صحف ابراهيم وموسى ، وتعامل وقت النزول مع ثقافة سائدة بالنفى والتصحيح ، وطلب من أصحابها الاحتكام اليه فى هذا التصحيح ، ولكنهم رفضوا تمسكا بما وجدوا عليه آباءهم . لسنا فى مجال الإطالة فى هذا ، فقد كتبنا فيه كثيرا ، ولكن المستفاد أن الباحث القرآنى عليه أن يتزود بمعرفة واسعة ودقيقة بعصر نزول القرآن ، وأحوال الناس فيه ، ويأخذ منها فى بحثه ما يتفق مع القرآن وينفى منها ما يخالف القرآنى لأن القرآن هو الميزان . وهنا يقول رؤيته القرآنية فى أمور تاريخية تتصل بالقرآن الكريم مثل الموضوع المطروح . يختلف هذا عندما نبحث المصطلح القرآنى وحده ، هنا لا بد من الاعتماد على القرآن وحده فى تجلية هذا المصطلح من داخل القرآن ، ولا مانع من الإشارة الى إختلافات المصطلح القرآنى مع مصطلحات الأديان الأرضية للمحمديين ، كما فى مصطلح السنة والشيعة والتأويل . هذا الموضوع فيه تحديد مصطلحات ( الأسباط ، اسرائيل ) والعلاقات بين العرب وأهل الكتاب ، وبنى اسرائيل فى مصر ..الخ . ولوحظ فى البحث الاختصار بقدر الامكان ، لأن معظم التفصيلات سبق تكرارها ، خصوصا فى كتاب ( نشأن وتطور الأديان الأرضية للمحمديين ) . تبقى الأهمية القصوى فى منهج التدبر ، وهو معرفة أن القرآن الكريم تعامل مع وسط ثقافى بالاصلاح ، والتدبر القرآنى يستلزم مع فهم اللسان القرآنى ـ معرفة هذا الوسط الذى تعامل معه القرآن ، سواء فى عصر النبى أو فى القصص القرآنى عن الأمم السابقة والأنبياء السابقين . 

4   تعليق بواسطة   الأستاذ علي يعقوب     في   الأربعاء ٠٩ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86792]

فكر معي يا دكتور أحمد


وقبلها أقول لك أنني متفق معك تمام الإتفاق في أن القرآن لم ينزل في خواء ثقافي ولا على أناس خارج الحضارة والتاريخ والجغرافيا، وهذا أمر بديهي لا يختلف عليه عاقلان.



لكن إسمح لي أن أكون ال Sounding Board يا دكتور منصور وأطرح بعض التساؤلات والأفكار التي يمكن أن تثري النقاش وربما تنتج فهما جديدا نوعا ما، وهذا يذكرني بقول الفيلسوف الفرنسي ليفي-شتراوس: الحكيم هو من يسأل السؤال الصحيح، كما يذكرني بقول لي: The Right Question Gives The Right Answer



-هل ما وصلنا عن أحوال وأخبار قوم النبي محمد عليه السلام حقيقي ويعكس واقعهم الذي عاشوه؟ خاصة أن أول سيرة مكتوبة كانت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري (الواقدي وإبن هشام)؟ هذا على إفتراض أن التقويم الهجري صحيح وحقيقي، وهذه نقطة بالغة الأهمية أيضا.



-هل تجاهل النص القرآني بشكل تام، ولا حتى على سبيل الإشارة، لزوج إبراهيم الثانية، والمعروفة بإسم هاجر، هو أمر بغير دلالة، خاصة أن هذا الأمر يتعلق بقوم النبي وبه شخصيا كونهم جميعا من نسل هاجر حسب الزعم التراثي؟



-هل قوم النبي محمد عرفوا هاجر فعلا أو حتى سمعوا عنها، وهل بنو إسرائيل الذين عاصروا النبي محمد كان في توراتهم التي بين أيديهم (سفر التكوين بالتحديد) ذكر لهاجر، خاصة إذا عرفنا أن أقدم نسخة مكتوبة بين أيدينا للتوراة تعود إلى العام 1008 ميلادي؟!! أي بعد قرون من بعثة النبي محمد عليه السلام!! 



-هل ما وصلنا في التراث عن كون النبي إسماعيل (الجد البعيد للنبي محمد وقومه) هو إبن للنبي إبراهيم من جاريته هاجر هو فعلا ما فهمه وعلمه النبي محمد وقومه، أم هو إختلاق متأخر بمفعول رجعي بهدف السيطرة الثقافية للكتابيين (بني إسرائيل بالخصوص) وذلك بجعل المؤمنين بالقرآن الكريم والملة المحمدية في مرتبة أدنى من أتباع التوراة والإنجيل وتابعين لهم تاريخيا كفرع ثانوي وذلك لكونهم نسل الجارية هاجر الخادمة لسيدتها سارة الجدة البعيدة لبني إسرائيل؟ أي ثقافة إبن الست وإبن الجارية، والتي ما زالت مسيطرة في اللاوعي الشرقي عموما والعربي خصوصا. والتي جعلت التأريخ الإسلامي عالة على التاريخ التوراتي يأخذ منه وينقل عنه ويقيس عليه كمرجع أصلي ومصدر أساس ورئيس.



-هل من الصائب أن نقرأ التاريخ إعتمادا على كتابات غير موثوقة ومتأخرة بالقياس إلى الأحداث التي تصفها، وأقصد بالتحديد سير الإخباريين العرب والتراث التوراتي-المدراشي، بينما نتجاهل علم الآثار، الذي بدأ، وخاصة بعد الإكتشافات الأخيرة، برسم صورة مغايرة تماما لما عهدناه وقرأناه في كتبنا؟



التساؤلات كثيرة والأسئلة كبيرة يا دكتور منصور، وإذا ما تمت الإجابة عليها بشكل صائب، فربما يتغير الكثير مما ظنناه حقيقة وتاريخ بينما هو قد لا يعدو كونه أقاصيص وحكايات عن شخصيات من ورق لا من لحم ودم.



تقبل مروري وفائق إحترامي وتقديري وشكرا لك على سعة صدرك وصبرك وإخلاصك في التدبر والتفكير ودمت بخير وصحة وعافية.



5   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ٠٩ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86794]

شكرا استاذ يعقوب على أسئلتك وأقول :


1 ـ كتبنا كثيرا عن منهج القصص القرآنى  وإختلافه عن منهج التأريخ ، ولنا كتاب منشور فى حلقات عن قصة يوسف . القصص القرآنى يركز على العبرة ، ومع ما فيه من تكرار فإنه لا يهتم بأسماء الأبطال أو بالزمان أو المكان . وبالتالى تظل فيه فجوات وتفصيلات غير مذكورة . الباحث فى القصص القرآنى مسموح له أن يملأ هذه الفجوات فى ( رؤيته القرآنية ) بشرط إلمامه بالسياق القرآنى واللسان القرآنى والعصر التاريخى الذى يكتنف القصة القرآنية . 

2 ـ فى كل ما يكتبه الباحث القرآنى ـ فى ( رؤيته القرآنية ) فهو ملتزم بأن القرآن الكريم هو ( الميزان ) وهو الذى نحتكم اليه . وبالتالى فلا يمكن ان يملأ فجوات القصص القرآنى إلا بما يتفق ولا يختلف مع القرآن . وبالمناسبة هناك حلقات منشورة هنا فى كتاب لم يكتمل بعد عن ( النبى محمد مع السى إن إن ) فيه حوار تخيلى يتعرض فى بعض حلقاته للمقارنة بين القصص القرنى وقصص التوارة بوجهة نظر حاولت أن أكون فيها محايدا . 

3 ـ شكرا على تعليقك الحضارى وثقافتك الرائعة . 

6   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الأربعاء ٠٩ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86800]

فكر ( معنا ) أستاذ : علي يعقوب !


أشكرك أخي الكريم الأستاذ / علي يعقوب على الأسئلة و ثقافة الحوار الواضحة بين ثنايا المداخلة و أقول لك أن أغلب تساؤلاتك تم الإجابة عليها بشكل مباشر أو غير مباشر في كتب و مقالات و فتاوي الدكتور أحمد .

هناك فارق هائل بين القرآن الكريم ككتاب سماوي منه فقط يأخذ المسلم دينه و يتمسك به و يحاول جاهدا فهمه من خلال تدبره متذكرا قول الحق جل و علا : و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر – القمر 16 – و بين التأريخ و الذي هو تدوين بشري يخضع للأهواء البشرية سياسية كانت أو مذهبية أو عنصرية .

أول كتاب في السيرة هو لأبو بكرمحمد بن إسحاق المتوفي سنة 151 هـ و هو بالمناسبة ( مولى ) من الموالي !! أتى بجده ( يسار ) خالد بن الوليد من سبي عين التمر في خلافة أبو بكر الصديق و إبن إسحاق ألف كتابه – سيرة رسول الله – في خلافة أبو جعفر المنصور من دماغة ( وهذه عبارة الدكتور أحمد ) لتبرر أفعال أبو جعفر المنصور الوحشية !!

القران الكريم فيه ( أحسن القصص ) يقول جل و علا عن القصص القرآني للنبي محمد عليه السلام : (نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القران وان كنت من قبله لمن الغافلين ) لاحظ عبارة ( و ان كنت من قبله لمن الغافلين ) و تدبرها .

منهج الدكتور أحمد في التدبر أوضحه و دائما ما يكرره و به ( يتدبر ) الموضوع أي يجعل الآية ( أمامه ) و هو ( دبرها ) أي خلفها يتتبعها و يجمع كل الآيات ذات الصلة بموضوع البحث و يقرأ الآيات التي قبلها و التي بعدها و يجمع كل الآيات ليتضح المعنى و يبان هذا التبيان و تبقى ما يتوصل إليه وجه نظر تقبل النقد .

و حتى الدكتور أحمد تطور فكره عبر سنين البحث لذا ترى المقالات و الكتب الأخيرة خلاصة فكر و عصارة جهد و فلترة أفكار لذا المتتبع لكتاباته يجد من السهولة بمكان فهم الموضوع مع الإشادة بالأسلوب المتميز للدكتور أحمد في الكتابة .

أنصحك أخي الكريم بالقراءة و القراءة و القراءة و لن تمل من قراءه كتب و مقالات الدكتور أحمد حفظك و حفظه الله جل و علا .

أهلا بك أخا عزيزا و كاتبا مميزا و بك و بأمثالك نساهم في نشر الفكر القرآني و كفى به كتابا و منهجا للتشريع الإسلامي .

 



7   تعليق بواسطة   الأستاذ علي يعقوب     في   الأربعاء ٠٩ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86801]

مداخلتكم ليست في صلب الفكرة أخي الكريم المحترم سعيد علي


أولا، أشكرك على اهتمامك ونصيحتك لي بالقراءة وهي نصيحة مقبولة واسمح لي أن أقدم لك نفس النصيحة من باب الأخوة الإنسانية والفكرية!



ثانيا، لا أظن أنك ركزت جيدا وتمعنت وتدبرت مداخلتي بالقدر الكافي، فأراك متحاملا بعض الشيء دون داع، وردك مع كامل إحترامي لشخصكم الكريم، ليس له علاقة بالتساؤلات التي أوردتها في تعليقي. فتنصحني بتدبر القرآن فقط والإكتفاء به والسير في دبر آياته (وهذه النصيحة فيها إتهام ضمني غير مبرر)، وأرد بسؤالك وهل هذا غير ما ذهبت إليه في كلامي؟! بل هو نفس مرادي وأنا الداعي في مشاركتي أعلاه بعدم الإلتفات لسير الإخباريين العرب والتراث التوراتي-المدراشي بل الإعتماد حصرا على نص التنزيل الحكيم وتدبر الآيات الكريمة! وهنا يحق لي أن أتعجب من مداخلة حضرتك والهدف المراد منها؟! 



ثالثا، أنا أكن كل الإحترام والتقدير والمحبة والتوقير للأستاذ الدكتور أحمد صبحي منصور وأعتبره من القلائل الشرفاء المخلصين المستنيرين في هذا العالم، فما الداعي لأن تنبري للدفاع عن حضرته في حين أني لم أهاجمه ولم انتقص منه ولا من منهجه ولو بالإشارة ولا حتى بكلمة ولا أدنى من ذلك (ولن أفعل أبدا)، بل على العكس تماما فأنا معجب بنقاء منهجه ووضوحه وعدم مساومته في الحق، فضلا عن إعجابي بشخصه الكريم وتواضعه الجم وطيبته البادية في سيماء وجهه، فهنا أيضا يحق لي أن أتعجب وأسألك ما هو الهدف وما هو الداعي لدفاعك الضمني عن شخصه الكريم ومنهجه المحترم وإقحام ذلك في الموضوع إقحاما في حين أن أحدا لم يلمح بالإساءة إلى فضيلته أو الإنتقاص من قدره وعلمه ولو من بعيد؟!  



رابعا، لقد ذكرت حضرتك أن تساؤلاتي قد تمت الإجابة عنها كلها بشكل مباشر أو غير مباشر في كتب ومقالات وفتاوى فضيلة الدكتور أحمد أكرمه الله عز وجل، وقد يكون ما قلته صحيحا، فهلا تكرمت وعرضت الإجابات أو حتى رؤوس أقلام في مداخلتك بدل التعميم، وأنا لك من الشاكرين.



خامسا، بالنسبة لقولك تصحيحا لمداخلتي أن أول كتاب في السيرة هو لإبن إسحاق، فهنا أيضا يظهر أنك قرأت مشاركتي بعجالة ودون تمعن، فأنا قلت في مداخلتي أن أول سير "مكتوبة" كانت للواقدي وإبن هشام، وهذا دقيق جدا، إذ أن كتاب إبن إسحاق لم يصلنا لكن مضمونه بقي محفوظا في سيرة إبن هشام التي تعتبر أول سيرة مكتوبة إلى جانب سيرة الواقدي، فاقتضى التنويه.



سادسا، أسلوب الحوار والنقاش وطرح فكرة مقابل فكرة هو المطلوب والمناسب وهو ما يثمر أفكارا جديدة، أما أسلوب ال Lecturing (وهو ما أوحت به مداخلتكم) فلا أقبل به ولا أستسيغه، فلا أقدمية ولا وصاية في الفكر ولا في طريقة ومنهجية التفكير. وهذا الموقع والنادي الفكري الكريم المحترم، هو حسب فهمي مفتوح لكل المفكرين ولكل فكر ضمن ضابط الأخلاق وشروط النشر، وهو ليس، ولا يجب أن يكون من نوعية منتديات "بارك الله فيكم"، فكلنا تلاميذ في مدرسة الحياة والفكر، وإن كان هذا لا يمنع أن يفوق بعضنا بعضا ولا يمنع كذلك أن نتعلم من بعضنا البعض، فالعلم والفكر لا حدود له ولا ينبغي أن يكون.



سابعا، بإختصار يا أخي الكريم سعيد علي، مداخلتكم كانت عبارة عن Straw Man Fallacy (مع كامل إحترامي لشخصكم الكريم).



ثامنا، قد تكون الفكرة والرسالة التي وصلتني من مداخلة حضرتكم هي غير ما أردتم قوله وإيصاله، وقد يكون الأسلوب خانكم فأفصح عن غير ما أردتم الذهاب إليه، وفي مطلق الأحوال مرحبا بكم وبتعليقاتكم وردودكم أخي الكريم سعيد علي.



أخيرا وليس آخرا، شكرا لك جزيل الشكر أستاذ سعيد علي على مشاعركم الطيبة وترحيبكم بي، وتقبلوا مني أطيب التحيات وخالص الأمنيات وفائق التقدير والإحترام والمحبة.



8   تعليق بواسطة   الأستاذ علي يعقوب     في   الخميس ١٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86802]

لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد صبحي منصور المحترم الموقر


شكرا جزيلا كثيرا لك على تفاعلك واهتمامك والتفاتك الكريم للأسئلة والتساؤلات، فجزاك الله عز وجل خير الجزاء وأكرمك جل وعلا أحسن الإكرام وأمدك بالقوة والصبر وبارك سبحانه وتعالى في عمرك وصحتك وعافيتك ووفقك إلى ما يحبه ويرضاه.



9   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الخميس ١٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86804]

إلى الأستاذ / علي يعقوب مع التحية .


أولا : أشكرك جزيل الشكر و التقدير على نصيحتك و القراءة أمر للنبي عليه السلام من رب العزة جل و علا فكيف بنا و نحن من يتأسى به .. اشكرك جزيل الشكر مرة أخرى .

ثانيا : نتفق سويا على مضمون النقطة الثانية و هي كما أشرت أنت و تفضلت به و حقيقة لم أكن متحاملا البته ! و إن فهمتها أنت بهذا الفهم فأعتذر لك و حقيقة لم أقصد لا من قريب أو بعيد هذا التحامل الذي فهمته فلك الاعتذار أيها الأخ الكريم .

ثالثا : أخي الكريم لم أقصد مدافعتي عن الدكتور أحمد و لا أعلم لماذا فهمتها أنها دفاع عنه لأنه أصلا لا يوجد إتهام !! و لست في موقع الدفاع عن الدكتور أحمد حفظه الله و حفظك .. لا يوجد إتهام من أساسه فلماذا الدفاع !! مداخلتي كانت من باب التوضيح لا أكثر و لا أقل و إن غلفتها بحماس زائد ربما !! و لكنها لم تكن أبدا دفاعا فمداخلتك أنت أيها الطيب لم يكن فيها أي إتهام .

رابعا : نعم و هذا ما اعتقده فكتب و مقالات و فتاوي و برامج الدكتور أحمد حفظه الله و حفظك تناولت تساؤلاتك أو اقتربت منها كثيرا و من أسف ليس لدي الوقت – حاليا – لتفصيلها و إرسالها لك و لكن تستطيع أن تبحث عنها في الموقع و أشكر القائمين عليه في تبويب الكتب و المقالات هنا .

خامسا : شكرا جزيلا لك على ( التنويه ) لم نختلف كثيرا في المضمون و الرأي تقريبا متقارب و لك جزيل الشكر على دقة التوضيح .. أشكرك مرة أخرى و إن درج الباحثون على وضع عبارة ( أول كتاب في السيرة هو لإبن اسحاق ) .. الدقة مطلوبة و تنم عن شخص ( دقيق ) و الدقة رائعة منك أيها الطيب .

سادسا : لم أقصد و لم يخطر ببالي أن أسلوبي كما تفضلت و وصفته بـ Lecturing هي مداخلة سريعة و مختصرة و لم أقصد بها المحاضرة أو الإملاء أو مصادرة الفكر إطلاقا و مع ذلك أعتذر لك إذا كانت مداخلتي فيها شئ من هذا الأسلوب و إن كنت لم أقصده و ليس من عادتي هذا الأسلوب .

سابعا : عبارة Straw Man Fallacy ( آلمتني جداً ) !! و العبارة التي بعدها أزالت ( شيئا من الألم ) !! و أؤكد لك لست بالمتملق و أعرف نفسي دون تزكية طبعا و رغم ذلك اقول شكرا لك و لك جزيل التحية و الاحترام .

ثامنا : ربما .. و أقول اختصارا : التأريخ يخضع للأهواء و أعجبتني مقولة أحدهم – لا أذكر اسمه - : ( كيف نثق في التأريخ و نرى الحاضر يزّور أمامنا ) سيرة الأنبياء عليهم السلام موجودة بإيجاز في القران الكريم و إن جاءت تفصيلات رائعة جدا عن إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام و نوح كذلك عليهم جميعا السلام و الباحث الحقيقي و الذي يملك ( ملكه ) البحث يستطيع أن يربط الأحداث الزمانية و المكانية لإخراج سيرة عن نبي من الأنبياء و يبقى الغيب عند الله جل و علا .

بالنسبة للتأريخ فلا بد من الأخذ بوجه نظر أو كتب الطرفين ( المنتصر و المهزوم ) في حالة التأريخ لأحداث تأريخيه و هذا غير موجود للأسف في ثقافتنا التأريخية ! فجُل مصادرنا التاريخية تقريبا واحدة ( عربية غالبا ) فمثلا و ليس حصرا إقرا عن ( فتح القدس ) لن تجد المصادر المسيحية التي تتحدث عن هذا الحدث إلا نادرا و بصعوبة و فيه ستجد طرح مخالف تماما لما ذكرت الكتب و المصادر العربية و من أسف أن تنطلي الأحداث على شريحة كبيرة جدا من القراء و حتى الباحثين في التأريخ ( الإسلامي ) و يبنوا عليه ( قيم و أخلاق !! ) بينما هو سلب و نهب و قتل و إرهاب !!

أخيرا و ليس آخرا شكرا جزيل لك مع الاعتذار لما سببته لك مداخلتي من إمتعاض !! و إن كنت غير قاصد حقيقة .. شكرا لك و أهلا بك أخا عزيزا و كريما .



10   تعليق بواسطة   رضا عامر     في   الخميس ١٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86805]

كل الاحترام لهذا الحوار الراقي


قرأت باهتمام النقاش الجارى حول هذه القضية التى تحتاج حقيقة الى الحسم وتجلية الحقيقة بعد ما ران عليها الكثير مما تردد عبر السنين فى الكتب المدرسية وعلي منابر خطباء الجمعة والدعاة التليفزيونجية الذين احترفوا رواية القصص المسلية مرتدية ثياب الدين

احب أن أقول ان التساؤلات التي طرحها الاستاذ على يعقوب منطقية ويجب علينا مناقشتها باهتمام وقد سبق لى ان علقت علي مقال للدكتور منصور بعنوان (تأملات في قصة يوسف فى القرآن العظيم ( 6 )الأحلام فى قصة يوسف ) تعليقي كان بعنوان (سافر من الشام إلى مكة ) بتاريخ  الجمعة 07 اكتوبر 2016 وهذا نص التعليق للتيسير

استرعي انتباهي ما كتبته حضرتك في صدر هذا المقال من أن النبي إبراهيم سافر من الشام إلى مكة لتنفيذ الأمر الإلهي بأن يذبح ابنه. مع أنه تعالى قال قبلها (فلما بلغ معه السعي) أي أن إبراهيم لم يفارق ولده منذ أن رزقه الله به حتى أتاه ذلك المنام.  انا يا سيدي الدكتور لا أصدق الرواية التي تفسر الآية الكريمة ربنا أنني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم على أن نبي الله ترك رضيعا وسيدة في جوف الصحراء بدون أي سند والمؤكد أن ذلك لم يكن بناء على أمر الهي حيث نص القرآن الكريم على أن إبراهيم فعل ذلك من نفسه. فمن غير المنطقي أن يفعل نبي الله عملا كهذا إلا أن يكون عن أمر الهي صريح كما في الأمر بالذبح.  واضيف إلى هذا سؤالا منطقيا آخر وهو كيف لسيدة وطفل رضيع أن يقيموا الصلاة.؟؟ وتفسير ذريتي يكون بمعنى اتباعي وعشيرتي.  تحياتي واحترامي

وكان رد الدكتور منصور مشكورا انها ملاحظات فى محلها وتستدعى إجتهادا وإعادة نظر .. مع وعد بالكتابة فى الموضوع .. وتذكر يا اخي الكبير انني عدت فذكرتك بتعليق عنوانه (ان كنت ناسى .. أفكرك ) وحضرتك علقت بذكاء وخفة ظل واضحة بعنوان يا سيدى أمرك ..أمرك يا سيدى .. حديث صحيح رواه عبد الحليم حافظ .. وانا لم ألح بعد هذا لعلمي بان سيادتك ( مشغول وحياتك مشغول) .. الى ان شجعني الحوار الجاري علي اعادة الطلب تضامنا مع المحترم صاحب الثقافة العالية والخلق الرفيع والاسلوب الرصين الاستاذ على يعقوب.

احببت أيضا أن أثير موضوع التساؤل حول هل حقيقة أن نبى الله اسماعيل هو أبو العرب المستعربة وان من ذريته جاءت قريش؟؟ الدكتور طه حسين فى كتابه فى الشعر الجاهلى يكاد يؤكد أنه غير صحيح ويرى ان القصة نوع من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، وبين الإسلام واليهود، والقرآن والتوراة من جهة أخرى" . ومن ناحية أخرى أقول أننا نقرأ في القرآن الكريم سورة يس قوله تعالي لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ .. أليس يدل هذا علي أن الله لم يرسل الى العرب انبياء او رسل قبل محمد عليه الصلاة والسلام فكيف يكون النبي اسماعيل أباهم ؟؟

تحياتي وحبى وتقديرى لكم جميعا



11   تعليق بواسطة   كان هنا و راح     في   الخميس ١٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86806]

روايات ترفض تارة و تستعمل تارة؟؟؟أهي جزء من الدين أم لا؟؟


 



ردا على الفقرة 5 3 : تقول كتب التراث في تفسير الأية عدة روايات و لا أحد يعلم علم اليقين الذي حصل , من هاته الروايات قصة كوب عسل شربه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم عند أحداهن فغضبت الأخرى فتشاجرت مع النبي فأقسم النبي أن لا يذهب عند الأخرى مرة ثانية و حرمها على نفسه .



ربما الدكتور أحمد و الله تعالى أعلم اعتمد في فهمه للأية الكريمة على هاته الرواية , لكن لو تمعنا في الأية لوجدنا " ما أحل الله لك" و ليس ما أحل الله لكل المسلمين , فالشيء الذي حرمه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم على نفسه حلال له فقط دون باقي المسلمين و لو لم يكن الأمر كذلك لقال ربنا جل و علا : ما أحل الله دون تحديد وجهة التحليل .  و يكفي أن تبحث في القرأن العظيم عن الأيات التي تبين الأشياء التي هي حلال للنبي الكريم صلى الله عليه و سلم دون غيره قال رب العزة:  «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا»



و لو تمعنا في الأيات الموالية في سورة التحريم لوجدنا أن سياق الأيات يتكلم عن زوجين من أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم و يعاتبهن ثم تتبعها أيات عن أحوال زوجات انبياء سابقين و عن ما أل اليه أمرهن من عذاب و اهلاك .



فاعتمادا على القرأن الكريم وحده دون مصادر التراث أعتقد و الله أعلم و (و هذا ما فهمت من الأيات ) :



أن الرسول صلى الله عليه و سلم حاول استرضاء زوجاته مخافة أن يقعن فيما وقعت فيه زوجات أنبياء سابقين و يصيبهن ما أصاب سابقاتهن من العذاب .



كذلك يقول رب العالمين :



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)



رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه و سلم يمكن أن يحبط أعمال المؤمن و العياذ بالله فما بالك بأتهامه بعصيان أمر تشريعي دون دليل يقيني مؤكد لا شبهة عليه , و الشيطان شاطر و لعنة الله على الشيطان الرجيم .



 



و الله تعالى أعلم



 


12   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الخميس ١٠ - أغسطس - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[86807]

أحبتى : لمجرد التذكير : هى وجهات نظر .


حين بدأت البحث النقدى فى التاريخ ثم فى القرآن من عام 1977 ، كنت أدافع عن نفسى بأنها وجهات نظر تقبل النقاش والتصحيح ، ولا زلت متمسكا بهذا القول .

يقينى أننا نبدأ لأول مرة مناقشة تراث دينى تأسس تقديسه عبر 14 قرنا مرتبطا باسم الاسلام بينما هو ـ فى معظمه ـ مناقض للاسلام . يقينى ايضا أنه عمل ضخم لا يقوم به شخص واحد مهما بلغت إمكاناته ، بل يحتاج الى ( جيل ) من المفكرين الصابرين ، يكون عملهم هو الحوار ، وناديت بهذا فى مقال منشور فى الأخبار بعنوان ( لنكن جيل الحوار ليكون أبناؤنا جيل الاختيار ) ، وهو منشور هنا .  المشكلة أن إنتشار السطحية والجهل فى عصرنا البائس تحوّل الحوار الى جهل وتعصب وتنابذ بالألقاب . وقد عانى هذا الموقع من قدوم كثيرين يزعمون أنهم من أهل القرآن ، وهم يجنحون يمينا أو يسارا للتأكيد على رفضهم كل التراث ، ينسون أننا لا نرفض التراث كله ، وإنما نحتكم فيه الى القرآن الذى نزل للإصلاح وليس للنسف والتدمير ، ولا يزال يؤدى هذه المهمة الاصلاحية طالما يوجد من يسعى الى الاصلاح مهتديا بهديه . وهناك من ياتى الينا يحمل أوزارا من التراث يؤمن بها ويناضل عنها ويرفعها فوق القرآن ، وهذان الصنفان لا يمكثان كثيرا معنا .

ولقد سعدت بمن صبر معنا وصابر وجاهد وناصر ، وناقش بموضوعية ما يقال هنا من ( وجهات نظر ) . ولقد سعدت كثيرا بتشريف الاستاذ على يعقوب ، وأستفيد من تعقيباته ، كما أستفيد من تعليقات بقية الأحبة كالأخ الحبيب د رضا عامر . أنا لا زلت فى داخلى شيخا أزهريا ، ومهما حاولت فالشيخ الأزهرى يقبع داخلى ، وأحتاج فى ترويضه وتثقيفه مستفيدا من وجهات نظر آتية من خلفيات ثقافية مختلفة . وبهذا الحوار الراقى يتكون منا جيل الحوار ليكون أبناؤنا جيل الاختيار . هذا ..

وليس فى وسعى أن احقق كل ما أعد به من البحث ، فلا تزال لى كتب لم تكتمل ، وقطار العمر يقترب من النهاية ، والجهد كليل والوقت ضئيل . ولهذا أرجو أن تستمر بكم المسيرة . جزاكم ربى جل وعلا خيرا . 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4982
اجمالي القراءات : 53,379,777
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي