التوبة مطلوبة والاعتذار ممنوع .!!:
القاموس القرآنى : بين الاعتذار والتوبة

آحمد صبحي منصور Ýí 2015-07-20


أولا :  طبيعة الصحابة المنافقين فى المدينة :

1 ــ قبل الهجرة كان ـ من أصبحوا بعدُ من المنافقين ـ هم الملأ الذى يملك الثروة والسلطة . هجرة النبى وأصحابه ( المهاجرين ) أحدثت قلبا للأوضاع نتج عنها تهميش هذا الملأ . جاههم وثروتهم مرتبطان بوجودهم فى يثرب ( المدينة ). لو خرجوا منها فقدوا الجاه والثروة وأصبحوا تحت رحمة من يحميهم من الأعراب الذين لا يؤمن عهدهم ولا عقدهم والمتخصصون فى السلب والنهب . وفى نفس الوقت ـ وهم مضطرون للإقامة فى المدينة ـ فلا بد من التعايش مع الوضع الجديد ومُصانعته نفاقا . وشأن المنافق أن يظل فى خوف من إكتشاف أمره ، وهو أيضا لا يستطيع كتمان كراهيته . لذا كان مرتبطا فى قصصهم فى القرآن الكريم : الخوف والحلف كذبا ، وإستغلال الحرية المطلقة فى الدين وفى المعارضة فى الكيد للنبى والمؤمنين والطعن فى الاسلام ، وفى القعود عن نصرة وطنهم المدينة حين تتعرض لخطر يستوجب خروج جيش لمواجهة العدو الغازى قبل وصوله للهجوم على المدينة . 

2 ـ عن ثروتهم وجاههم : نهى رب العزة النبى محمدا عليه السلام مرتين أن تعجبه أموالهم وأولادهم : ( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ) (55) التوبة )(  وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ )(85)التوبة).

3 ـ عن إضطرارهم للصلاة رياءا والتصدق رياءا يقول جل وعلا فى عدم قبول أخذ الصدقة منهم : ( قُلْ أَنفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54) التوبة )

4 ـ وعن إتخاذهم الحلف والأيمان وقاية لهم يقول جل وعلا عن الصحابة المنافقين : (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) المنافقون ).

5 ـ وكان الخوف دافعا لهم للحلف كذبا. يقول جل وعلا عنهم : ( وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) التوبة ).(يَفْرَقُونَ ) أى يخافون ، ومن شدة خوفا يتمنون لو هربوا الى مغارة أو أى ملجأ أو أى طريقة .

6 ـ والمنافق لا يمكن ان يفى بوعده بسبب خوفه . وقد إستغل الصحابة المنافقون حريتهم المطلقة فى الدولة الاسلامية فتآمروا عليها بالتحالف مع اليهود المعتدين . بعثوا لهم بوعد المٌناصرة ، يقول جل وعلا ( أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) الحشر ) هنا شهادة الله جل وعلا عليهم بالكذب . وفى الاية التالية تأكيد إلاهى بأن المنافقين لن يفوا بالوعد لإخوانهم الكفار المعتدين من أهل الكتاب ، يقول جل وعلا :( لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (12)الحشر ) . وتاتى الآية التالية بالتعليل والسبب ، وهو أنهم يخافون المؤمنين أكبر من خوفهم من رب العزة جل وعلا : ( لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13) الحشر )

ثانيا : إعتذار الصحابة المنافقين مرفوض فى الدنيا  لأنهم يرفضون التوبة

1 ـ لذا كانوا يحلفون كذبا لإرضاء المؤمنين خوفا منهم ، مع أنهم لا يخافون الله جل وعلا . ولو أخلصوا لله جل وعلا لأرضوه هو جل وعلا بالتوبة الصادقة، يقول جل وعلا :( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) التوبة). لذا يذكّرهم رب العزة بالعذاب الذى ينتظرهم : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) التوبة  )

2 ـ بعض أولئك الصحابة المنافقين كانوا يعتذرون عن عدم المشاركة فى القتال الدفاعى بإعتذارات شتى منها شدة الحر، يقول جل وعلا :( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) التوبة ) لذا منع الله جل وعلا أولئك الصحابة المنافقين من شرف القتال الدفاعى فى المستقبل فقال للنبى محمد عليه السلام : ( فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) التوبة ) ومنعه من الصلاة عليهم (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)) ونهى جل وعلا النبى عن الاعجاب بأموالهم وأولادهم ، فسيكون أولادهم وأموالهم سبب شقائهم فى الدنيا : ( وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (85) التوبة ) .

3 ـ  وأخبر الله جل وعلا أن المؤاخذة ليست على الضعفاء والمرضى الذين أجبرتهم ظروفهم على القعود عن القتال :( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة ) . وجعل الله جل وعلا المؤاخذة على من إستأذن وهو قادر بنفسه وماله ، ورضى التقاعس عن القتال ورضى ان يكون متخلفا مع النساء والصبيان :( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (93) التوبة )

4 ـ بعدها جاءت الاية التالية برفض إعتذارهم  ( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (94) التوبة ) .

5 ــ وفى خطاب مباشر للمؤمنين يقول جل وعلا لهم بأن أولئك المنافقين سيحلفون لهم كذبا بأعذار وهمية كى يُعرض عنهم المؤمنون ، وأمر الله جل وعلا المؤمنين فى هذا الخطاب المباشر أن يُعرضوا عنهم لأنهم رجس ، وانهم لو رضوا عنهم فإن الله جل وعلا لا يرضى عن القوم الفاسقين:( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96) التوبة  ). المُلاحظ هنا أن السياق كان يقتضى أن يُقال ( فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عنهم ) ولكن جاء تذييل الاية بأن الله جل وعلا لا يرضى عن القوم الفاسقين ، يعنى لو ماتوا بلا توبة ، وماتوا فاسقين فلا يرضى عنهم.  ونفس الحال فى الآية قبلها : (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95  ) جعل جهنم جزءا لهم بما كانوا يكسبون ، أى لو انهم تابوا وأصلحوا سيختلف الجزاء طبقا للإيمان والعمل الصالح الذى سيكسبونه .

6 ـ التوبة مقبولة مهما أسرف الانسان من الذنوب، طالما إقترنت بالصدق والإنابة والاخلاص فى العبادة ، يقول جل وعلا : (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55)الزمر ). التوبة مقبولة ولكن الاعتذار مرفوض ، لأنه خداع مقترن بالحلف الكاذب بالله جل وعلا . وهم دائما يحلفون بالله جل وعلا كذبا .

وفى أحد مجالسهم كانوا يتندرون على القرآن وهل سينزل وحى يخبر بما فى قلوبهم ، فقال جل وعلا :(يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) التوبة ). وأخبر جل وعلا مقدما بأنه لو سألهم النبى فسيقولون إنهم كانوا يخوضون ويلعبون ، واعطى الله جل وعلا رسوله الرد مقدما عليهم : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65). ووجّه رب العزة لهم خطابا مباشرا ، بأن الاعتذار مرفوض غير مقبول لأنهم كفروا بعد إيمانهم ، ولكن لو تابوا توبة حقيقية فإن الله جل وعلا سيعفو عنهم ، يقول لهم رب العزة : ( لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) التوبة  )

7 ـ المشكلة هى رفضهم للتوبة ، فقد أدمنوا الكذب ،والله جل وعلا يشهد عليهم بكذبهم  وقد طُبع على قلوبهم . يقول جل وعلا:  ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) المنافقون ) لذا كانوا يرفضون المجىء للرسول ليستغفروا أمامه ويستغفر هو لهم تاكيدا وإعلانا لتوبتهم . كانوا يرفضون إستكبارا . يقول جل وعلا : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) المنافقون ). وتكرر هذا ، يقول جل وعلا : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61)النساء )  .

 وفى التقاضى أمام الرسول إحتكاما الى القرآن الكريم كانوا يرفضون الحضور لو كانوا ظالمين يكرهون الحكم بالعدل. يحضرون فقط إذا كان معهم الحق ويريدون العدل ، يقول جل وعلا عنهم :( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمْ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (50) النور )

ثالثا : التوبة مطلوبة

لكى ينجو الانسان من الخلود فى النار عليه أن يتوب ويستغفر ،وهو حىُّ يسعى فى الأرض . هذه التوبة مطلوبة من الجميع :

1 ـ من النبى عليه السلام نفسه :  ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (55) غافر )

2 ـ من المؤمنين (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)  الانعام  )

3 ـ من النبى والمؤمنين معه : (  لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)   )

4 ــ من العُصاة :( وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (153) الاعراف )( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119 ) النحل ) (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60)  مريم )

5 ـ ممّن يكتم الحق القرآنى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة )

6 ـ من الكافرين : ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) آل عمران )

7 ــ ومن المنافقين ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ )(146) النساء )

8 ـ فى كل ما سبق ترتبط التوبة المقبولة عند رب العزة بتصحيح الايمان والاخلاص لله جل وعلا وعمل الصالحات .  وفى آيات أخرى يتأكد هذا فى قوله جل وعلا :(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى (82) طه  )(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) الفرقان )

9 ـ اللهم تُب علينا يا أرحم الراحمين .!!

أخيرا :  لا إعتذار فى الآخرة

1 ـ يوم القيامة لا مجال للإعتذار ، يقول جل وعلا عن الكافرين المكذبين بآيات الله جل وعلا : ( هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ (35) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (37) المرسلات  )

2 ــ سيقال لأصحاب النار الذين ماتوا بلا توبة مقبولة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7) التحريم ) . وبعدها يقول رب العزة للمؤمنين يأمرهم بالتوبة  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) التحريم  ).

ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 11313

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الخميس ٢٣ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[78794]

رجاء لا تكتموا الحق القراني !!


اللهم و لك الحمد و الشكر فقد وفقكم الله جل و علا الدكتور أحمد في إبراز هذا الموقع ليكون - جهرا لا كتمانا - للحق القراني ... اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم .



حفظكم الله جل و علا و لإخواني - أهل القران العظيم - نتذكر الآية الكريمة بوجل و خوف و أمل  : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة )



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الخميس ٢٣ - يوليو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[78798]

أكرمك الله جل وعلا استاذ سعيد على وجزاك خيرا


هى مسئولية نرجو من الله جل وعلا أن يوفقنا فيها ، وأن يجعلنا من الأشهاد على قومنا.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,361,762
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي