حرية العقائد في القرآن

سامح عسكر Ýí 2014-01-11


حين نقرأ القرآن ونتدبر معانيه.. نرى أن ثمة قطع إلهي بأن حرية العقيدة في الإسلام هي حرية مطلقة لا سلطان لأحد بها على أحد..وأن العقوبة على العقائد ليست في الدنيا، وأن النبي ليس إلا مُبلّغاً عن الله.

فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب  [الرعد : 40]

ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون  [المؤمنون : 117]

فالحساب حق أخروى لله، وأن مافي الدنيا هو بلاغ للناس كي يتذكروا ويتفكروا في الله.

فهل على الرسل إلا البلاغ المبين  [النحل : 35]

فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر  [الغاشية : 22:21]

سؤال استنكاري على من يعتقد في رسالة الأنبياء أنها موجهة لفرض عقائد على الناس، أو إجبارهم على أن يقولوا أشياءً لا يقنعون بها..فكيف يزعم البعض أن الحرية في الدين ليست مُطلقة، وما هي وظيفة .."البرهان"... الذي اعتبره القرآن حُجة افتراضية للمنكرين.."لا برهان له به".

فهل لديكم برهان من الله على أن الإسلام ليس به حرية؟!

ستقولون قال رسول الله ...وهو كذب..فلم يكن الرسول ليُخالف أمراً إلهياً ولو لساعة، فما بالكم وأنتم تلصقون به حدوداً ما أنزل الله بها من سلطان، تخدمون بها أنفسكم وسلطانكم في الدنيا.

ليست هناك رؤية أوضح لحرية العقائد المطلقة في الإسلام من قوله تعالى:

لا إكراه في الدين [البقرة : 256]

لكم دينكم ولي دين  [الكافرون : 6]

ولا أوضح من أن الدنيا ليست دار حساب بل دار عمل، ومن يظن أنها دار حساب هو مُخطئ وقد ارتكب في حق الدين جُرماً عظيما:

1-إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون [البقرة : 62]

2-إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [المائدة : 69]

3-إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد [الحج : 17]

ثلاث آيات مُحكمات نزلت في أواخر عهد الرسول ترد على كل من زعم بأن حق العقاب للبشر في الدنيا، بل العقاب لله وحده، فكيف يقتل هؤلاء من يُغيّر دينه بدعوى الردة، أو يجلدون من يتخلّف عن الصلاة..؟!

اسألوهم ما مصادركم..سيقولون .."قال رسول الله وقال فلان وعلان"..وبربي هذا هو التحريف الذي طال أديانهم، وما بين أيديهم ثبت أنه ليس من عند الله بل من عند أنفسهم..

هؤلاء يتبعون بشراً ما أنزل الله لهم من سلطان، ويتركون أوامر رب العالمين الذي هو أعلم بهم من أنفسهم، ولكن زادوا على الدين فضلّوا عن الحق وأضلوا أمثالهم وتاهو في ظلمات الدنيا فأصبحوا من الظالمين.

إن التضييق على عقائد الناس وأفكارهم هو ثمة للمجرمين والطُغاة في القرآن وعبر التاريخ، فلم يشهد القرآن مقارعة عقلية وفكرية بين المؤمنين والكفار أبداً، بل الغالب على أعمالهم العُنف سواءً كان لفظياً بالتكفير والتخوين، أو بدنياً بالإيذاء والقتل.

قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم  [يس : 18]

قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين  [الأعراف : 88]

قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز  [هود : 91]

أما منهج المؤمنين العارفين فهو منهج الحوار والسلام والبرهان العقلي :

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن [النحل : 125]

وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله [الأنفال : 61]

فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى  [طه : 44]

ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن [العنكبوت : 46]

هكذا فالدين يُسر لا عُسر، واعلم أنه وكلما كانت الفكرة واضحة وبسيطة يفهمها الجميع ..فهي فكرة دينية متجانسة عقلياً، وأن التقعير والتحوير والتدوير في الكلام ثمة من لا يعرف شيئاً ويتعالَم على الناس دون هدىً أو بينة، لأن التكليف على سائر الناس وما كان الله ليشرع لهم ديناً لا تفهمه عقولهم.

اجمالي القراءات 16025

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   حسين الدوكي     في   الأحد ١٢ - يناير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[73627]

للاسف


انا طوال حياتي قبل ان اعرف التيار القراني كنت استغرب كيف الاسلام في القران الكريم يدعو لحرية العبادة من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر و لكم دينكم و لي دين و كانت الاحاديث التي ينسبوها للنبي -عليه السلام- تقول غير ذلك فحيث المرتد يجب قتله وممنوع المسيحي يمارس نشاطه الديني و كمية الكراهية الفظيعة لاي احد مخالف للدين السني يعتبر عدو و عدوك عدو دينك و كل تلك الاشياء و فتوي ابن باز بتحريم التعامل مع الشيعة  كنت استعجب و اري تبريرات الدين السني و محاولة تحويل النصوص القرانية لتكون في صفه و لكنها لا تستقيم  وكنت دائما في الغرف الاسلامية اجد من يقول من الاخوة المسيحيين ان الاسلام لا يعطي حرية العقيدة فالمرتد يقتل و كل تلك الاشياء و لا يكون ردي الا من القران ففي كتاب الله توجد اية تنسف جميع الاحاديث الا و هي ((لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) فهي كافية للرد علي الدين السني و اي يحاول ان يقحم الاسلام في الاديان الارضية  فالدين السني فعلا شوه الاسلام و صوره للناس بانه دين الكراهية و لكن ما دام هذا الموقع موجود فانه يوجد مصباح مضئ في الظلام يري الناس الطريق الصحيح و مقال رائع استاذي و اعناك الله.



2   تعليق بواسطة   سامح عسكر     في   الجمعة ١٧ - يناير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[73652]

مرحباً بك أخي حسين


هذه الأحاديث موضوعة إما لمصالح سياسية أو اجتماعية دينية، يكفي هذا الحوار الذي دار بين محمد بن عبدالله"النفس الزكية" وأبو جعفر المنصور وكلاهما كان يستدل بالدين لتكفير الآخر، رغم أنه كان صراعاً على السلطة ورغبات ومطامع لا أكثر.



3   تعليق بواسطة   احمد التهامى     في   الخميس ١٨ - فبراير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80494]

بالفعل


ان الذين آمنوا : أي آمنوا بمحمد رسولا 



والذين هادوا : أي اتباع موسى



والنصارى : اي أتباع عيسى



والصابئين : اي أتباع الانبياء الاوائل (آدم ... يحي ) 



ماذا بهم هؤلاء الديانات ؟ 



من آمن منهم بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا يحزنون 



ونجد في القران الكريم ان هذا الشرط الاساسي للاسلام وهو الايمان بالله واحد أحد و العمل الصالح 



فالاسلام منهج قبل أن يكون ديناا 



اتعجب ممن يقولون بمن يفسر القران بناء على أسباب نزوله والايه عامه شامله لكل زمن واتعجب ممن يقصروها ع زمن بعينه لأن الله عز وجل عندما يحدد شيء بناء ع اسباب نزوله فانه يسميه مثل ( يانساء النبي ... الخ )  



فالقران يفسر بناء على تدبر اللغه العربيه التي أنزل بها والاستقراء في كتاب الله ... 



وشكرا جزيلا تقبل مروري 



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 7,607,415
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 411
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt